موقفنا من المسلمين
موقفنا من المسلمين، موقفنا منهم مبدئي، فنحن نحبهم كل الحب، ونكن لهم كل مودة واحترام، ونتمنى لهم كل خير وازدهار وتقدم. فهم أخوتنا وأحباؤنا، يشاركوننا نفس واقعنا ومصيرنا، وتربطنا بهم روابط الدم والتاريخ والوطن المشترك والوجدان القومي والمصالح الواحدة. وإن محبتنا لهم نابعة من محبة المسيح العاملة في قلوبنا. فقد علمنا السيد المسيح: " تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك، وقريبك مثل نفسك". (لوقا 10: 27).
وإن موقفنا هذا منهم يؤكد هويتنا المسيحية ورسالة المحبة التي دُعينا لحملها. وعلى هذا فإن اتخاذ أي موقف مناقض لهذه المحبة، يعد تنكرا لهويتنا المسيحية، ورسالة المحبة التي نذيعها. ولا يسعنا إلا أن ننظر إلى معتقداتهم بإحترام، وإن من حقهم علينا أن نكون صريحين معهم فيما يتعلق بما نعتقده دون طعن في عقائدهم أو تجريح لها، فهذا ليس أسلوب المحب المخلص في محبته ودوافعه.
بالنسبة لموفقنا من القرآن الكريم، فإننا نؤمن بأن الكتاب المقدس بعهديه القديم (التوراة) والجديد (الإنجيل) هو كلمة الله الموحى بها التي تحوى فكر الله وخططه وطرق معاملاته مع البشر، وهو كتاب يشرح ويكمل بعضه دون تناقض، ويعطى فكراً متكاملاً وخطة كاملة. فالكتاب المقدس وحدة كاملة ورسالة تامة لا تحتاج إلى ما يكملها أو يزيد عليها. فالله يشرح في العهد القديم مسألة سقوط الإنسان في الخطية وانفصاله عن الله، ويتحدث رمزاً وتصريحاً عن حل الله لهذه المشكلة في المسيح الذي سيأتي ويفدى الإنسان. ولقد رتب الله في العهد القديم طريقة لوصول الإنسان إليه عن طريق الذبائح التي كانت ترمز للمسيح، وتُقبل على هذا الأساس. تقول كلمة الله: "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عبرانيين 9: 22). لقد أعلن الله في العهد القديم بأن المسيح هو الطريق إلى الله، لأنه هو الذي سيسحق الشيطان (تكوين 3: 15)، وهو الذي سيفدى البشر من خطاياهم بموته كفارة عنهم (أشعياء - الأصحاح 53)، كما تحدث العهد القديم، مثلا، عن طبيعة المسيح الإلهية (مزمور 45: 6) وأزليته (ميخا 5: 2) ومعجزاته وطبيعة خدمته (أشعياء 61: 1)، وموته عل الصليب (مزمور 22: 16) وقيامته (مزمور 16: 10) وإستحقاقه للتكريم والعبادة (دانيال 7: 13-14)، وكلهذا غيض من فيض. وعندما جاء السيد المسيح تحققت فيه مئات النبؤات التي كتبت عنه. ولقد فعل من أجل كل البشر كل ما يحتاج أن يُفعل من أجل خلاصهم وحياتهم، وعلمنا كل ما نحتاج أن نتعلمه عن الله ومبادئ الحياة السامية معه. وأعلن لنا الله ذاته في شخصه، فكان هو الرسول والرسالة، المبشر والمبَشر به. وما دام السيد المسيح هو أسمى إعلان وأكمله عن الله، فلا حاجة لنا لمزيد من الإعلانات.
إننا نؤمن بأن الله واحد، وما دام كذلك، فإن الطريق إليه لابد أن يكون واحداً، ولو تعدد الله (وهذا مالا نؤمن به) لأمكن تعدد الديانات والطرق إلى الله. ولا يمكن أن يوحي الله القدوس الصالح بكتب يناقض بعضها بعضاً ويترك الناس يتخبطون في طرقهم وحيرتهم. إننا نحث إخوتنا وأحبائنا والناس عامة على قراءة الكتاب المقدس، لا للبحث عن أخطاء متوهمة، أو الانتقاد، وإنما بحثـاً مخلصـاً عن الحق. ولابـد أن يـهدى الله كـل من يسعـى بـإخلاص للهدايـة. يقول الله: "وتطلبونني فتجدونني إذ تطلبونني بكل قلبكم" (إرميا 29: 13). كما قال السيد المسيح، كلمة الله: " إن شاء أحد أن يفعل مشيئته (مشيئة الله) يعرف التعليم هل هو من الله" (يوحنا 7: 17).
وأخيراً لا يجب أن يغيب عن أذهاننا أن الغرض الأسمى من الدين هو تغيير الإنسان بقصد الوصول إلى الله وضمان الخلاص من العذاب الأبدي في جهنم والحصول على يقين الحياة الأبدية، وإعطائنا سلاماً كاملاً في قلوبنا. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: أين نحصل على كل هذه الأمور؟ فالمشكلة ليست في إسم الدين الذي نتبعه، وإنما في حقيقة ما يقدمه لنا. قال السيد المسيح: " لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه؟ " لكل منا ملء الحرية، وعليه كل المسؤولية أمام الله.